بقلم – أيوب أوشريف
عند زيارتك لأكوراي ، المدينة الصغيرة التي ارتبط اسمها بحقبة تاريخية تعود لفترة حكم المولى إسماعيل والقصبة الموجودة بالمدينة شاهدة على التاريخ العريق للمدينة لكن بتجولك بالمدينة لا شيء يوحي لك بأنك في زيارة لمدينة تاريخية ولن تدخر جهدا كبيرا في الوقوف على “الإختلالات” الواضحة في كل المجالات، تنمويا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، بل حتى أمنيا في بعض الأحيان
أكوراي المدينة المنسية ، يعيش سكانها عزلة قاتلة وجميع أنواع التهميش الذي ساهم فيها التسيير الفاشل للمجالس الجماعية وضعف النخب المنتخبة الذي حرم المدينة من حقها في التنمية، وجعلها تعاني مشاكل هيكلية متعددة، رغم توفرها على مؤهلات بشرية وطبيعية مهمة، تمنح إمكانية إيجاد بدائل اقتصادية مناسبة للساكنة.
مجموعة من المواطنين عبروا عن تذمرهم جراء ما تعانيه مدينتهم من مظاهر التهميش والفقر والهشاشة بجميع أشكالها، بداية بالإنقطاعات المتكررة للماء الصالح للشرب وانعدام الإنارة العمومية في مجموعة من الشوارع والأحياء بالمدينة وهشاشة البنية التحتية بالإضافة للبطالة وغياب فرص الشغل والساكنة تحمل مسؤولية كل هذا للنخب المحلية، التي أصبحت غير قادرة على مباشرة مهام المنتخب من موقع الفعالية والنجاعة والعطاء، وأكدوا أن الفراغ قاد إلى هيمنة نمط من المنتخبين ولجوا العمل السياسي لبناء شبكات من المصالح الخاصة وتبادل المنافع، وهو ما أثر على حسن سير مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمدينة، وساهم في ارتفاع معدلات الفقر والبطالة بشكل مخيف ومرعب
بأكوراي الجميع يلاحظ ضعف الأحزاب السياسية بالمدينة، وتخليها عن دورها في ممارسة التأطير السياسي والقيام بدور الوساطة بين المواطن والدولة، بعد أن تحولت جلها إلى دكاكين انتخابية تفتح أبوابها عند بداية كل استحقاق انتخابي لبيع التزكيات لمن يصوت له المواطنين أكثر وتقديم خدمة لمرشحي البرلمان ومجالس الجهة والإقليم ، وتغلقها بمجرد الإعلان عن النتائج وهو ما أفرز مجالس فاقدة للمصداقية والشرعية النضالية ، ومعارضة مؤسساتية ضعيفة لا تتوفر فيها الكفاءة والخبرة اللازمتين لممارسة دور المعارضة البناءة، لأنها ليست لها بدائل ومقترحات عملية لتحقيق التنموية المحلية المنشودة
كما يلاحظ كذلك غياب دور المجتمع المدني كقوة ترافعية و معظم الجمعيات ضعيفة جدا و لا يهمها المواطن أو المدينة لأن عدد كبير من من يدعون أنهم فاعلين جمعويين تجدهم يقتاتون من الدعم الذي يحصلون عليه من صناع القرار المحلي، بينما يبقى عدد قليل من الجمعيات الجادة، التي تعمل في صمت على إبراز هوية المدينة “الضائعة”، وتهتم بالتنمية الإجتماعية والثقافية المحلية، وهي أصوات قليلة لا يراد سماعها ويتم محاصرتها وتضييق الخناق عليها
الساكنة بأكوراي تنتظر من الجميع أو بالأحرى لمن فيه ذرت حب لهذه الرقعة الجغرافية و تطلب من المسؤولين أن يجعلوا اختلافهم نقطة قوة للترافع على قضايا الساكنة من جهات مختلفة ودق أكبر عدد ممكن من الأبواب لفك شفرة التنمية بالمدينة و التخلي عن فكرة الأغلبية و المعارضة والإنشقاقات الحزبية التي أصبحت تظهر كأنها حيلة لتمويه الساكنة بصراعات لا وجود لها أصلا.
تعليقات( 0 )