الإخبارية – بوطيب الفيلالي
تقع زاوية سيدي العربي بن عبد الله الهواري، شمال واد فركلة الذي يعبر مدينة تنجداد ،بإقليم الراشيدية، وهي واحدة من الزوايا التي أدت ومازالت تؤدي رسالتها بالمملكة المغربية الشريفة..
وسيدي العربي، هو من أحفاد سيدي طاهر بن سيدي أحمد بن سيدي محمد الهواري، دفين فركلة بالراشيدية، ابن سيدي زكرياء بن سيدي محمد المكنى الإمام الهواري دفين وهرن، الذي قدم المنطقة في القرن السادس عشر الميلادي، في رفقة قبلية استقرت بعدها بالمنطقة. وتعتبرقرية إكلي من الآثار المميزة لهذا الاستقرار. وقد إشتهر هذا الأخير، بالعلم والزهد والورع. درس بالقرويين بفاس وبجاية عاصمة العلم بالمغرب الأوسط،وكذا الأزهر بالقاهرة، وبمسجد الأموي بالشام، وهو ما جعله يخلف عدادا من الكتب، أهمها: كتاب السهو، وكتاب التنبيه، وكتاب التسهيل وشرح المنفرجة.
أما أهم شيوخه فنذكرمنهم: أحمد بن ادريس، والشيخ عبد الرحمان الوغليسي، والشيخ العبدونسي الذي درس على يديه مدونة الامام مالك، والشيخ القباب، ثم الشيخ الحافظ العراقي… والولي الصالح سيدي محمد فتحا الهواري اليزيدي،كان أحد مريدي شيخ الطريقة الجازولية، سيدي عبد الرحمان المجذوب عن طريق سيدي أحمد زروق وأبن عطاء الله. وقدعرف بالورع والزهد منذ صغره، فكان مجاب الدعاء حتى توفي سنة 935 هـ .كما أخذ الطريقة عنه، سيدي عبد السلام الأسمر، بن سيدي سليم الشايب الدرعان الفيتوري المدفون بزليطن بـــليبيا.
وقد كان أمر بناء الزاوية والوقوف على كل صغيرة وكبيرة، الشغل الشاغل للشيخ سيدي لعربي بن عبد الله، وكان حريصا كل الحرص أن تكون كل مواد البناء من مال حلال ولا نزاع فيه، وكان حريصا أيضا على العلم وتحفيظ القرأن، كما أنه خصص ركنا من أركان الزاوية، لمكتبة وخزانة لحفظ المراسلات والمخطوطات، وكذا للفتوى التي تخص كبار العلماء. لكت للأسف فقد نهبت من طرف اللصوص أيام الإستعمار الفرنسي، بالإضافة إلى أن بعضها، نهب أيام الهجرة إلى بادو، و كذا ممن يدعون البحث التاريخي إستغلوا طيبة سيدنا الشيخ، وأخذوا منه بعض الكتب والمخطوطات، بعد أن أعطوه المواثيق الغليظة لردها لاحقا، لكن هيهات. ويقال أن بعضها حاليا موجود بمدينة فاس ومكناس، في حوزة من يدعون ملكيتهم لتلك الكتب والمخطوطات.
والجميل في الأمر، أن المخطوطات المتنوعة و المتبقية، مختومة بخاتم يخص الزاوية ،وقد حولت حاليا لمتحف جميل، من طرف أحد أحفاد الشيخ، يعتبر المشرف حاليا عليه، وهو السيد رزقي مولاي عمر، االذي يعود له الفضل بعد الله سبحانه وتعالى ثم بعض الغيورين، لإخراج هاته المعلمة الثقافية والدينية والإجتماعية، التي تعتبر اليوم رافدا سياحيا ودينيا وخزانا تراثيا علميا مهما للمنطقة، لو وجد من الدعم اللوجيستي والمادي، سواء من عمالة الرشيدية، أو المديرية الجهوية للأوقاف بدرعة تافيلالت. و كذامندوبية السياحة هناك.
بالإضافة إلى هذا، فالمتحف يتوفر على مجموعة من الكتب والمراجع والدراسات وأبحاث قام بها طلبة في الماستر والدكتوراه والإجازة، تخص تاريخ المنطقة وإشعاع زاويتها بالمجال. انطلاقا مما توفره الزاوية للطلبة والباحثين، من وثائق ومراسلات ومخطوطات تاريخية نادرة ونفيسة، ترتبط بتاريخ الجنوب الشرقي للمغرب، وتاريخ الزاوية الدرقاوية بحوض غريس. و انطلاقا من كل هذا الإشعاع، لماذا لا تدخل جامعات وكليات في اتفاقيات شراكة بينها وبين زاوية سيدي الهواري بتنجداد، وبالتالي تسهيل الاستفادة من خزانتها، بل وتنظيم أيام دراسية ومحاضرات، يستفيد منها طلبة مجالات درعة وسوس وتافيلالت وكذا مراكش، وكل مهتم بتراث وتاريخ المنطقة، وهذا دون شك يدخل ضمن أدوار وزارة التعليم العالي. ولعل الدروس المصورة، التي تابعها المهتمون في رمضان المنصرم عبر مواقع التواصل، والتي ألقاها الحفيد الشريف مولاي عمر القيم على الزاوية والمتحف، لخير دليل على الرقي الأكاديمي لهاته المعلمة، التي مازالت تنتظر للأسف، من 8يدمجها ضمن النسيج العلمي والثقافي والأكاديمي للمملكة الشريفة، التي تزخر بإرث تاريخي جعلها من البلدان العريقة والمجيدة. دون أن ننسى إشعاع هاته الزاوية عبر فروعها، في كل من؛ خنيفرة ومكناس والخميسات وبني ملا ومراكش وأيت حديدو وغيرها.
فمارأي المؤسسات الرسمية المذكورة أعلاه من كل هذا؟
مقالات ذات الصلة
تعليقات( 0 )