بوطيب الفيلالي
أصدر الدكتور محمد بسباس كتابا جديدا يدخل ضمن اهتماماته وتخصصه، تحت عنوان ” الماء والمجتمع بالواحات المغربية، مجال عرب الصباح بتافيلالت نموذجا ( من القرن 9ه/15م إلى النصف الأول من القرن 14ه/20م). وهو الكتاب الذي لا شك، يطرق بابا من أهم المواضيع التي أضحت تؤرق سواء المنظرين للشأن الإجتماعي- السياسي، أو الباحثين والمؤرخين باعتبار موضوع الماء ارتبط منذ القدم بالاستقرار التليد للبشرية، ومختلف الأنشطة التي زاولها الإنسان في ارتباط بمجال استقرارهن وماشاب ذلك من أحداث وصراعات كان لكيفية استغلال الموارد المائية المتاحة، دور في بروزها ونشوئها، وهو ما أدى في الأخير إلى صياغة قوانين وأعراف حاولت توفير شروط الرضى، بين جميع مكونات النسق الإجتماعي داخل المجال، من أجل استغلال عادل للثروة المائية.
ويعتبر المجال الواحي بتافيلالت نموذجا لارتباط ساكنته بالماء، انطلاقا من صفة الندرة التي تطبع الثروة المائية به، والذي يعتبر مجال عرب الصباح من أهم مكوناته، والتي أثارت اهتمام الدكتور بسباس كأحد أبناء عرب الصباح، لإنجاز هذا المبحث الذي يتضمنه كتابه الجديد،هذا الإنتماء الذي لاشك يعتبر نقطة قوة، جعلته يطلع على خبايا موضوع الماء هناك منذ انهيار سجلماسةن إلى غاية القرن العشرين عند الهيمنة الاستعمارية، وهي فترة زمنية طويلة تمكن خلالها المؤلف من الإعتماد على مادة مصدرية متنوعة، خصوصا أن قبائل عرب الصباح قد دونت مختلف الاتفاقيات حول تقاسم وتوزيع واستغلال الماء- والتي أطرتها قوانين وأعراف- في وثائق عدلية وعرفية، أرخت لأحداث مهمة كانت جزء من تاريخ عرب الصباح الإجتماعي. وهو دفع الدكتور بسباس، إلى التأكيد على أنه ما من سبيل لفهم تفاصيل المجال المذكور، والإحاطة بماضيه الإقتصادي والإجتماعي والسياسي وأنماط التفكير، إلا بتمثل الدور الإستراتيجي للماء.وهو ما جعل المؤلف يفحص الإمكانيات التي توفرها الوثيقة المحلية، والبحث عن عناصر البنيات الجغرافية والإقتصادية والإجتماعية، مع الحضور القوي للماء والتي قلما تبرزها الكتابات الإخبارية.
الكتاب إذن بعد كل هذا سيمكن القارئ من الطلبة والباحثين والمهتمين، من التعرف على ملامح مجال لم يتبدل إلا قليلا، بعد أن سلط الضوء على مظاهر عتيقة، وأشكال وتقنيات تدبير القلة المائية، بتطور بطيء عبر سيرورة زمنية أمدها متوسط وطويل. كما سيمكن القراء- ارتباطا بكل هذا – من تتبع مختلف التطورات والانعطافات الكبرى، في تاريخ المجال وأثر ذلك على البنى التقليدية، من التقنيات والمؤسسات الإجتماعية والمنظومة القانونية للماء بمجال عرب الصباح. دون أن نغفل ذكر دورهاته الإصدارات العلمية، في إغناء الخزانة العربية بكتاب سيكون نبراسا للباحثين في مواضيع الماء تاريخيا وجغرافيا، انطلاقا من التشابه بين مجال عرب الصباح بتافيلالت المغربية، وباقي المجالات بدول عربية شقيقة.
مقالات ذات الصلة
تعليقات( 0 )