كلمة مدير فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة وجيش التحرير بتارودانت السيد أحمد الخطابي بمناسبة الذكرى الـ 71 لثورة الملك والشعب

نص كلمة مناسبة

تخليد الذكرى 71 لثورة الملك والشعب المجيدة

مقالات ذات الصلة

الشبيبة التجمعية بأيت ملول تستضيف محمد المودن لعرض تحديات الشركة الجهوية سوس-ماسة

تجديد المجلس التلاميذي الإقليمي للناظور وانتخاب يوسف مزرينة رئيسا له.

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.

-السيد العامل؛

– السيد رئيس المجلس العلمي المحلي؛

-السيد رئيس المجلس الإقليمي؛

-السيد رئيس المجلس الجماعي؛

-السادة البرلمانيون نوابا ومستشارين؛

-السيدات والسادة المنتخبون؛

-السادة رجال السلطات القضائية والإدارية والأمنية والعسكرية والسيدات والسادة رؤساء المصالح اللاممركزة؛

– السيدات والسادة نساء ورجال الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير وذوو حقوق المتوفين منهم؛

-السيدات والسادة ممثلو الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والحقوقية والجمعيات ونشطاء المجتمع المدني ووسائل الإعلام والاتصال؛

-الحضور الكريم؛

يخلد الشعب المغربي من طنجة إلى الكويرة ومعه أسرة المقاومة وأعضاء جيش التحرير، في أجواء طافحة بأسمى القيم الوطنية ومفعمة بالحماس الوطني الفياض والتعبئة الموصولة، ذكرى من أغلى وأعز ذكرياتنا الوطنية، إنها الذكرى 71 لثورة الملك والشعب الخالدة التي تعتبر بحق معلمة بارزة في تاريخ المغرب الحافل بالأمجاد والبطولات لما تجسده من انتصار لإرادة العرش والشعب، القمة والقاعدة إبان فترة الكفاح الوطني من أجل نيل الحرية والاستقلال وتحقيق الوحدة الترابية، هذا المسار الذي تعاقبت أطواره وتعددت حلقاته وتكتفت نضالاته في مواجهة الوجود الاستعماري دفاعا عن مقدسات البلاد الدينية وذودا عن ثوابتها ومقوماتها الحضارية والوطنية.

ونحن نحتفي بهذه الذكرى الغراء، نستحضر المواقف الخالدة لرجال أوفياء لم يتوانوا لحظة واحدة في الاستجابة لنداء الوطن، مجسدين أدوارهم النضالية الوطنية باستماتة وشهامة وعزم وإصرار، فكتبوا بدمائهم الطاهرة أروع صفحات المجد والسؤدد التي ستظل موشومة في الذاكرة الجماعية وتؤكد على الدوام على الأواصر المتينة والوشائج القوية التي تجمع القمة بالقاعدة، وتبرهن بالملموس على تلاحم كافة أفراد الشعب المغربي في التصدي للوجود والتسلط الاستعماري.

وهي مناسبة للناشئة والأجيال الجديدة لاستلهام دروسها وعبرها لتتربى على حب الوطن والاعتزاز بالانتماء الوطني، وفرصة لترسيخ قيم الوطنية الحقة والمواطنة الايجابية في وجدانها وأذهانها وتأهيلها لمواجهة تحديات العصر ورهانات المستقبل.

الحضور الكريم؛

لقدت تجلت إرهاصات مقاومة الشعب المغربي للاحتلال الأجنبي منذ أن وطأت أقدامه المجال الجزائري سنة 1830م، حيث تحرك المجتمع المغربي بكل مكوناته لمواجهة تغلغل القوات الاستعمارية الفرنسية بالجزائر وخاض غمار مواجهات مصيرية لعل أبرزها وقعة إيسلي عام 1844م، كما واجه لاحقاً محاولات تسرب القوات العسكرية الإسبانية نحو البر الداخلي للمغرب انطلاقا من مدينة سبتة المحتلة فيما عرف تاريخيا بالحرب المغربية الإسبانية أو حرب تطوان من 22 أكتوبر 1859م إلى حين توقيع معاهدة واد راس في 26 أبريل 1860م.

ومنذ ذلك الحين، أصبح المغرب ميدانا للعديد من المناوشات والمواجهات وعقد التسويات. وهكذا اعتبرت فرنسا أن جوارها للمغرب يمنحها حقوقا ليست لغيرها من الدول، وأن الجزائر التي قادتها إلى تونس عليها أن تقودها أيضا إلى المغرب. لذلك حاولت تكثيف جهودها للسيطرة عليه، ولجأت إلى نهج سياسة المطالبة بالإصلاحات والقروض، وقد أعطت هذه السياسة أكلها، حيث أن قرض سنة 1904م سمح للمراقبين الفرنسيين بالجلوس إلى جانب أمناء الموانئ المغربية لاستخلاص الدَّيْنِ الفرنسي.

وبعد مؤتمر الجزيرة الخضراء سنة 1906م وما أسفرت عنه مخرجاته من إطلاق الأطماع الفرنسية على المغرب، أصبحت هذه القوة الاستعمارية تبحث بكل الآليات والوسائل المشروعة وغير المشروعة عن ذريعة تتيح لها فرصة التدخل في شؤونه الداخلية. وهكذا انتهزت حادث مقتل أحد عملائها في مراكش وهو الطبيب “موشان” يوم 10 أبريل 1907م لتقصف مدينة فكيك وتحتل مدينة وجدة انطلاقا من الحدود الشرقية، وهي نفس الذرائع التي استغلتها حينما توسعت في واحة توات سنة 1900م بدعوى ملاحقة المتمردين والمتعاونين مع المجاهد الأمير عبد القادر الجزائري. وذات الادعاءات والمبررات وظفتها فرنسا وهي تشن غارتها البحرية على مدينة الدار البيضاء التي تعرضت لدمار وتخريب واسعين من طرف المدفعية الفرنسية يومي 5 و7 غشت من سنة 1907م على إثر حدث مقتل تسعة عمال أجانب كانوا يقومون بأعمال بناء خط السكة الحديدية منتهكين حرمة مقبرة قديمة للمسلمين، وهو ما اعتبره السكان البيضاويون تدنيسا للمحرمات.

وما أن تم توقيع عقد الحماية في 30 مارس 1912م، حتى تكتلت الزعامات الدينية ومن خَلْفِها سائر فئات وأطياف المجتمع المغربي للقيام بدورها في الدفاع عن حمى الوطن، وهو الدور الذي أجبر الغزاة، وهم يخوضون حروب ما سموها بحملة التهدئة، من تصريف وقضاء ما يقارب ربع قرن متواصل من عمر الحماية في المعارك والمواجهات التي لم تهدأ إلا لتتأجج جذوة المقاومة السياسية والفكرية في تبادل سلس للأدوار بين الحواضر والبوادي، والتي استمرت حتى عودة السلطان الشرعي إلى عرشه وشعبه ووطنه ووضع حدّ ونهاية للفترة الاستعمارية التي دامت 44 سنة ونصف.

لقد وجدت الإقامة العامة للحماية الفرنسية بالمغرب في مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي نفسها في مواجهة استراتيجية جديدة من المقاومة، ويتعلق الأمر بالنضال السياسي الذي انطلق من المدن لتمتد شرارته إلى القرى والبوادي بقيادة الحركة الوطنية التي عملت على تأطير المغاربة وتعبئتهم ضد الممارسات القمعية للاحتلال الأجنبي عبر المظاهرات والاحتجاجات وتوزيع المناشير والبيانات الصحفية وبث الوعي الوطني في أوساط الشباب المغربي.

وإثر تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944م إلى السلطات الاستعمارية من طرف الوطنيين بتنسيق مع جلالة المغفور له سيدي محمد بن يوسف طيب الله مثواه، تضاعف سعار المستعمر الذي قرر مواجهة الموقف بحملات العنف والترهيب والتصفية الجسدية التي طالت عشرات المتظاهرين في الرباط وسلا وفاس ومكناس وغيرها من المدن عقب الانتفاضات العارمة التي شهدتها كافة أنحاء البلاد أيام 29 و30 و31 يناير 1944م تأييدا للمطالب العادلة التي تضمنتها وثيقة المطالبة بالاستقلال.

وسيشتد الصراع أكثر بين الإقامة العامة للحماية الفرنسية بالمغرب والقصر الملكي إثر الزيارة التاريخية التي قام بها جلالة المغفور له سيدي محمد بن يوسف إلى مدينة طنجة في 9 أبريل 1947م وما تضمنه خطابه التاريخي بها من مواقف وحدوية رافضة للسياسة الاستعمارية وإصرار جلالته على عدم الرضوخ لإملاءات الإقامة العامة للحماية الفرنسية بالمغرب.

وكان لهذه الزيارة الميمونة الأثر البالغ على علاقة سلطات الإقامة العامة للحماية الفرنسية بالقصر الملكي، حيث اشتد الصراع، خاصة وأن العاهل المفدى لم يخضع لضغوط سلطات الحماية المتمثلة أساسا في مناهضة الحركة الوطنية والمد التحرري للوطن، فكانت مواقفه الرافضة لكل مساومة سببا في تأزم الوضع وشروع المستعمر في تدبير مؤامرة نفي جلالة السلطان الشرعي. وقد تصدى المغاربة لهذه المؤامرة التي لاحت خيوطها في شهر غشت 1953م، حيث وقف سكان ووطنيو مدينة مراكش بالمرصاد يومي 14 و15 غشت 1953م للحيلولة دون تنصيب صنيعة الاستعمار ابن عرفة سلطانا للبلاد. كما اندلعت انتفاضة عارمة بمدينة وجدة يوم 16 غشت 1953م، تلتها انتفاضة تافوغالت بإقليم بركان يوم 17 غشت 1953م. وبحلول الذكرى السنوية الثانية لنفي جلالته طيب الله ثراه، شهدت مدينة وادي زم وقبائل السماعلة وبني خيران والقبائل المجاورة، يومي 19 و20 غشت 1955م اندلاع مظاهرات حاشدة.

وعمَّت مواقف الاستنكار والتنديد بالفعلة النكراء لقوات الاحتلال كل ربوع الوطن، حينما أقدمت سلطات الإقامة العامة للحماية الفرنسية على محاصرة القصر الملكي بواسطة القوات الاستعمارية يوم 20 غشت 1953م طالبة من السلطان الشرعي، جلالة المغفور له سيدي محمد بن يوسف التنازل عن العرش ففضل النفي على أن يرضخ لإرادة الاحتلال مصرحا بكل ما لديه من إيمان بالله وبعدالة القضية المغربية بأنه الملك الشرعي للأمة وأنه لن يخون الأمانة التي وضعها شعبه الوفي على عـــاتقه، حيث قال قدس الله روحه مخاطبا سدنة الإقامة العامة للحماية الفرنسية بشجاعة وشهامة ورباطة جأش: ”إني ملك المغرب الشرعي ولن أخون الأمانة التي ائتمنني عليها شعبي الوفي المخلص، إن فرنسا قوية فلتفعل ما تشاء”.

وما أن عم الخبر سائر ربوع الوطن وشاع في كل أرجائه حتى انتفض الشعب المغربي انتفاضة عارمة وتفجر غضبه في وجه الاحتلال الأجنبي، وبدأت بوادر العمل المسلح والمقاومة والفداء تنتظم من جديد، وتشكلت خلايا المقاومة الفدائية والتنظيمات السرية وانطلقت العمليات البطولية لضرب غلاة الاستعمار ومصالحه وأهدافه. فمن العملية الفدائية البطولية للشهيد علال بن عبد الله يوم 11 شتنبر 1953م الذي استهدف صنيعة الاستعمار إلى عمليات الشهيد محمد الزرقطوني ورفاقه في خلايا المقاومة بالدار البيضاء وعمليات مقاومين أبطال بمختلف مدن وقرى المغرب، لتتصاعد وتيرة النضال الوطني وتتعزز بالمظاهرات التلقائية والانتفاضات الشعبية المتوالية وتتكلل بانطلاق عمليات جيش التحرير بالأقاليم الشمالية للمملكة في ليلة 1 و2 أكتوبر 1955م.

وهكذا دفعت الضربات المتوالية للعمليات الفدائية وانتصارات أبطال جيش التحرير السلطات الاستعمارية للدخول في مفاوضات مع السلطان الشرعي وقادة الحركة الوطنية تكللت بحصول البلاد على استقلالها وعودة بطل التحرير والاستقلال والوحدة إلى أرض الوطن مظفرا منصورا.

الحضور الكريم؛

ونحن نحتفي بهذه الذكرى المجيدة، نغتنمها مناسبة لاستحضار قضيتنا الوطنية الأولى، قضية الوحدة الترابية المقدسة للتأكيد على التعبئة المستمرة واليقظة الموصولة لأسرة المقاومة وجيش التحرير كسائر فئات وأطياف المجتمع المغربي والإجماع الوطني وراء عاهل البلاد المفدى، جلالة الملك محمد السادس حفظه الله من أجل صيانة وحدتنا الترابية وتثبيت مكاسبنا الوطنية.

وفي سياق المستجدات التي عرفها ملف قضيتنا الوطنية الأولى، قضية الوحدة الترابية، تجدر الإشارة للموقف الجديد الذي عبرت عنه الدولة الفرنسية على مستوى رئيس جمهوريتها والقاضي بالاعتراف الصريح بسيادة بلادنا على أقاليمنا الجنوبية المسترجعة وبوجاهة المقترح المغربي بمنح حكم ذاتي للأقاليم الصحراوية المسترجعة واعتباره الأساس الواقعي والجاد وذي المصداقية لإنهاء النزاع المفتعل حول وحدتنا الترابية المقدسة.

والمناسبة سانحة لنستحضر ونثمن عاليا ما ورد في الخطاب الملكي السامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله ليوم الاثنين 29 يوليوز 2024 بمناسبة الذكرى الفضية، ذكرى 25 سنة على تربع جلالته على عرش أسلافه الغرِّ الميامين، والذي أشاد فيه بالمكاسب والمنجزات التي تحققت في عهد جلالته في مختلف المجالات، حيث قال جلالته: “نخلد اليوم بكل اعتزاز، الذكرى الخامسة والعشرين لاعتلائنا العرش. وخلال هذه السنوات، حققنا والحمد لله، العديد من المكاسب والمنجزات، في مجال الإصلاحات السياسية والمؤسسية، وترسيخ الهوية المغربية، كما أطلقنا الكثير من المشاريع الاقتصادية والتنموية، والبرامج الاجتماعية، لتحقيق التماسك الاجتماعي، وتمكين المواطنين من الولوج للخدمات الأساسية”. انتهى المقتطف من النطق الملكي السامي.

فهنيئا وطوبى لنا بهذا المجد التاريخي والوطني، وتحية تقدير وإكبار لضباط وضباط الصف وجنود القوات المسلحة الملكية والقوات المساعدة والدرك الملكي والأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني وإدارة الجمارك والوقاية المدنية والإدارة الترابية ولكل المرابطين على الحدود وفي الثغور على ما يبذلونه من جهود جبارة وتضحيات جسام في سبيل استتباب الأمن والأمان والطمأنينة والاستقرار بأقاليمنا الصحراوية المسترجعة وبسائر ربوع وأرجاء التراب الوطني والحفاظ على أرواح المواطنين وممتلكاتهم.

رحم الله شهداء الحرية والاستقلال والوحدة الترابية والواجب الوطني، شرفاء الوطن وأبنائه الغر الميامين، وفي طليعتهم بطل التحرير والاستقلال والمقاوم الأول، جلالة المغفور له محمد الخامس نور الله ضريحه، ورفيقه في الكفاح والمنفى، مبدع المسيرة الخضراء وموحد البلاد، جلالة المغفور له الحسن الثاني تغمده الله بواسع رحمته، وحفظ الله بالسبع المثاني وبما حفظ به الذكر الحكيم سليل الأكرمين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وأسدل عليه أردية الصحة والعافية، وحقق به وعلى يديه كل ما يصبو إليه وينشده لشعبنا ووطننا من بناء ونماء وتقدم وازدهار، وحماية اجتماعية ورفاه اجتماعي وأمن واستقرار، قرير العين بولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير المحبوب مولاي الحسن وشد أزره بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي رشيد وجميع أفراد الأسرة الملكية الشريفة والشعب المغربي قاطبة من طنجة إلى الكويرة.

إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير وإنه نعم المولى ونعم النصير.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

مقالات ذات صلة

الشبيبة التجمعية بأيت ملول تستضيف محمد المودن لعرض تحديات الشركة الجهوية سوس-ماسة

تجديد المجلس التلاميذي الإقليمي للناظور وانتخاب يوسف مزرينة رئيسا له.

عامل إقليم تارودانت يزور ساكنة الجبال بجماعات تسراس اوزيوة اكيدي اهل تفنوت وتوبقال لتتبع عملية إعادة الإعمار.

تعليقات( 0 )

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)