عقد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، لقاءات مع النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، الاثنين 30 أكتوبر 2023، تم خلاله الاتفاق على “تجويد النظام الأساسي تماشيا مع تطوير إصلاح قطاع التعليم”، وأكدت النقابات على أن الاجتماع كان فرصة لبسط القضايا المطلبية التي لم يستكمل النقاش فيها، مشددة على الحاجة لإصلاح حقيقي لمنظومة التربية والتكوين، وهو الأمر الذي يمر، في تصورها “عبر الارتقاء بالوضع المادي والاجتماعي لنساء ورجال التعليم”.
النظام الأساسي كما قدمته الوزارة
مقالات ذات الصلة
يندرج النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية، كما قدمه وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، في إطار تنفيذ أحكام القانون-الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، وتجسيدا للاتفاق الموقع في 14 يناير 2023، بين الوزارة والنقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، تحت إشراف رئيس الحكومة.
وأشار الوزير إلى أن النظام الأساسي، المنشور في العدد 7237 من الجريدة الرسمية، لم يمس أيا من مكتسبات الموظفين، ويضمن تأمين الزمن المدرسي، وتحسين جودة التعلمات، مسجلا أنه منسجم مع قانون الوظيفة العمومية ويضم نفس الحقوق والواجبات لكافة موظفي الوزارة، إذ يضمن ترسيم وترقية أطر الأكاديميات البالغ عددهم 140 ألفا.
وسيتطلب النظام الأساسي الجديد تعبئة 9 ملايير درهم إضافية كل سنة في أفق 2027، بمعدل 2,5 مليار درهم إضافي كل سنة ابتداء من سنة 2024، وبخصوص أثر هذا الإجراء على الراتب الشهري، فسيهم ما يناهز أكثر من 5 آلاف درهم خام/2700 درهم صافي، على أن الدرجة الممتازة ستشمل، في نهاية المطاف، ثلثي الأساتذة الذين يتوفرون على 25 سنة من الأقدمية في الإدارة أو أكثر.
وفي الجانب المتعلق بالتحفيز المهني، يشير واضعوا النظام الأساسي الجديد، إلى تبنيه آلية جديدة تقوم على منح مالية لأعضاء الفريق التربوي، وفق شروط معينة ترتبط بالمردودية والفعالية، وعلى خلاف الأنظمة الأساسية السابقة التي كان مدخلها الوحيد هو الفئات، فإن النظام الجديد يقترح مداخل أخرى جديدة ومختلفة ومغايرة، حيث احتكم إلى هندسة جديدة من التوظيف إلى التقاعد تشمل كافة الفئات المهنية.
وفي مجال التكوين، سيتم إقرار نظام تكوين مستمر واعتماده في تقييم الأداء المهني، وإعادة النظر في هيكلة وتنظيم برامج ومدد التكوين بالمراكز الوطنية والجهوية للتكوين، مع إحداث مسالك جديدة تستجيب لخصوصيات القطاع ومتطلبات الوظيفة، مع إقرار مقتضيات خاصة بمجال التأديب والعقوبات.
أسباب إضرابات الأساتذة؟
قال يونس فيراشين، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم، إن الإضرابات التي تشارك بها جل هيئة التدريس، راجعة إلى رفض عدد من النقاط التي جاء بها النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية.
وأوضح فيراشين، أن النقاط الخلافية تتمثل أولا في أن هذا النظام الجديد لم يضع حلا جذريا لإشكال التوظيف بالتعاقد، المعتمد منذ سنة 2016، إذ لايزال هناك نوعان من الموظفين بقطاع التعليم هما موظفي الوزارة وموظفي الأكاديميات.
وجاء في المادة الأولى من المرسوم المتعلق بهذا النظام الجديد أنه “يسري على موظفي قطاع التربية الوطنية والأطر النظامية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، ويشار إليهم في هذا المرسوم بالموارد البشرية”.
وتتعلق النقطة الخلافية الثانية في هذا النظام، وفق فيراشين، بالمهام، مشيرا إلى اعتماد مهام جديدة للأساتذة، فإضافة إلى التدريس لساعات طويلة وتحضير الدروس خارج القسم، تمت إضافة مهام جديدة للأساتذة متعلقة بالحياة المدرسية، والمواكبة النفسية والاجتماعية للتلاميذ.
وحسب المادة 15 من النظام الأساسي، فأطر التدريس ملزم بتولي مهام التربية والتدريس، والتقييم والدعم المدرسي والمواكبة المدرسية، والتعاون والتنسيق ضمن الفريق التربوي، والمشاركة في عملية التنمية والتطوير المهني، والمشاركة في تنظيم الامتحانات المدرسية والمباريات وامتحانات الكفاءة الهنية، والمشاركة في الأنشطة المدرسية والأنشطة المندمجة.
وتتمثل النقطة الثالثة، يضيف المتحدث ذاته، في التعويضات، حيث قال إن جدول التعويضات المدرج في النظام الأساسي، منح تعويضات تكميلية لفائدة فئات معينة شملت المدراء والمفتشين، والأساتذة المبرزين، ومستشاري التوجيه والتأطير، فيما تم إغفال فئات أخرى منها هيئة التدريس.
وربطت المادة 60 من النظام الأساسي استفادة الفريق التربوي من منحة سنوية قدرها 10 آلاف درهم سنويا بأن تكون المؤسسة المنتمين إليها حاصلة على شارة “مؤسسة الريادة”، مع توفر شروط الحصول على شهادة المشاركة في دورات تكوينية معينة، واستثمار وتنزيل المقاربة البيداغوجية موضوع دورات التكوين، وتقدين أنشطة الدعم المبرمج خارج حصص التدريس.
وتابع الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم، أن النقطة الخلافية الرابعة في النظام الأساسي تتمثل في العقوبات التأديبية، التي يرى أنها لا تتناسب مع النظام التعليمي، مشيرا إلى أن قطاع التعليم في النظام السابق كان خاضعا لنظام العقوبات في الوظيفة العمومية، حيث تم التشاور على تحديد عقوبات تتناسب مع طبيعة المهنة، “لكن الوزارة قامت باعتماد عقوبات دون الاتفاق عليها مسبقا مع النقابات”، حسب قوله.
وحددت المادة 64 من النظام الأساسي العقوبات التأديبية في أربع درجات؛ تتراوح بين الإنذار، والتوبيخ، والحذف من لائحة الترقي، والإقصاء المؤقت من العمل مع الحرمان من الأجرة، والخصم من الراتب، وقد تصل إلى العزل، أو الإعفاء بالنسبة للمتمرنين.
توضيحات بنموسى
وكان وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، رد على الانتقادات التي طالت مضامين النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية بعد سلسلة الإضرابات التي تخوضها هيئات التدريس، مبرزا أن هذا النظام الأساسي جاء بعدد من المستجدات في احترام للمكتسبات، التي يمكن أن تعطي ضمانات صريحة لفائدة جميع موظفي قطاع التربية الوطنية بمختلف أصنافهم.
فقد اعتبر أن تخوف نساء ورجال التعليم من هذا النظام الأساسي ربما بسبب النصوص التنظيمية التي لم يتم وضعها بعد، مؤكدا على أن ذلك النظام يأتي بضمانات صريحة؛ مثل عدم إلزام الموظفين بمزاولة مهام لا تدخل ضمن اختصاصهم، ومشيرا إلى أن هذا النظام الأساسي حدد بالتفصيل المهام التي يمكن أن يقوم بها الأستاذ ويعطي الإمكانية لتأطيرها ضمن نص قانوني.
وذهب إلى أن جميع هذه المهام التي جاء بها النظام الأساسي هي في مصلحة التلاميذ، كما أنه سيدقق عدد ساعات عمل الأستاذ، وتمكينه من القيام بالمهام التي لها علاقة بالتلميذ، بالإضافة إلى تمكينه من الاستفادة من التعويضات عن الساعات الإضافية عند مزاولة بعض الأنشطة مثل تصحيح أوراق الامتحانات مبرزا أن النظام الأساسي سيمكن من تحسين الدخل.
ورد الوزير على الهيئات النقابية القائلة بعدم تطابق مضامين النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية مع اتفاق الرابع عشر من يناير، مبزرا أنه يتطابق مع ما جاء في اتفاق الحكومة مع النقابات الأكثر التمثيلية بقطاع التربية الوطنية “حرفيا”.
وتابع الوزير أن “هناك ملفات إضافية ونقط تحتاج إلى تدقيق، والوزارة مستعدة لكي تحدد هذه التفاصيل وتعطي ضمانات لتجاوز اللبس”، ومشددا “على أنه كلما تم توضيح الحقوق والواجبات كلما سيتم الحد من الضبابية”.
وأكد بنموسى أن النظام الأساسي جاء بعدد من الحقوق من بينها حركة انتقالية سنوية وترسيخ الحق في الحصول على المعلومات والمعطيات والاستفادة من الموارد الديداكتيكية والحقائب البيداغوجية وحماية الأستاذ وحفظ كرامته باعتباره الفاعل الأساسي في المنظومة التربوية.
تعليقات( 0 )