الإخبارية – الحسن شاطر
مقالات ذات الصلة
احتضنت قاعة المؤتمرات بالمركب الديني والثقافي والإداري لأوقاف تارودانت، اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024، بتارودانت، الجلسة الافتتاحية لفعاليات الدورة التاسعة للموسم السنوي للمدارس العتيقة، المنظمة من طرف مؤسسة سوس للمدارس العتيقة من 16 إلى 23 أبريل 2024، في موضوع: “ الاسلام دين الوسطية والاعتدال ”، بمشاركة ثلة من العلماء والفقهاء وطلبة المدارس العتيقة وأساتذة باحثين.
هذا الملتقى ينظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وبتعاون مع وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية، والأمانة العامة للمجلس العلمي الأعلى، وعمالة إقليم تارودانت، وبدعم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والمجلس الإقليمي، والجماعة الترابية لتارودانت.
الجلسة الافتتاحية ترأسها كل من عامل اقليم تارودانت، السيد الحسين أمزال، والدكتور اليزيد الراضي رئيس مؤسسة سوس للمدارس العتيقة ورئيس المجلس العلمي الحهوي، بمشاركة الدكتور سعيد شبار الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى، ورئيس المجلس العلمي المحلي لتارودانت الدكتور عبد الرحمان الجشتيمي، والدكتور عبد القادر لمانت المنذوب الإقليمي للأوقاف والشؤون الإسلامية بتارودانت.
وعرفت الجلسة الافتتاحية كذلك حضور كل من الكاتب العام لعمالة تارودانت السيد عبد الحميد نجيم، والسيد محمد حدوش مدير ديوان عامل الإقليم، ومحمد أمهرسي نائب رئيس الجماعة الترابية لتارودانت، ونائب رئيس المجلس الإقليمي لتارودانت، وممثلي الهيئة القضائية بالمحكمة الإبتدائية بتارودانت، ورؤساء المصالح الأمنية والعسكرية، ورؤساء المصالح الخارجية، وعدة شخصيات ومنتخبين، ورؤساء المجالس العلمية المحلية، وعمداء الكليات بالجهة، والأساتذة الباحثين، وممثلي السلطات المحلية، ورؤساء المدارس العتيقة، وطلابها، والأئمة والمرشدين الدينيين والوعاظ، وعدد من المهتمين بالشأن الديني، ووسائل الإعلام.
وافتتحت الجلسة بتلاوة عطرة لآيات بينات من الذكر الحكيم، ثم الكلمة الافتتاحية للسيد عامل الإقليم تناول فيها بالتفصيل، أهم المحاور التي تمحور عليها موضوع هذه الدورة منوها بمجهودات السيدين الفاضلين، الدكتور اليزيد الراضي بصفته رئيس مؤسسة سوس للمدارس العتيقة ورئيس المجلس العلمي الجهوي، وكذلك السيد عبد الرحمان الجشتمي رئيس المجلس العلمي المحلي لتارودانت، وباقي أعضاء المؤسسة، للإعلاء من قيمة الشأن الديني وتدبيره بالحكمة والرزانة المعهودة بهم، وبارك لهم جهودهم القيمة المستنيرة في خدمة قضايا وتوابث الأمة، ونشر قيم الاعتدال والوسطية، وفي نفس السياق بارك للمؤسسة شرف نيل الرعاية الملكية السامية لصاحب الجلالة نصره الله وأيده، وهي التفاتة مولوية شريفة نابعة من قناعة راسخة لما لمثل هذه الموضوعات من أثر مباشر على الأمن الروحي للمواطنين وبعد اجتماعي رصين، تجسده قيم التضامن والتعاون المستمدة من أصول الدين والعقيدة.
كما ثمن مجهودات السيد رئيس المجلس الاقليمي، ورئيس جماعة تارودانت على دعمهم المتواصل لكل الأنشطة والمبادرات الرامية الى تحقيق تنمية الاقليم، ثم منذوب وزارة الاوقاف، وناظر الاوقاف وكل الأئمة والقيمين والوعاظ والمرشدين الدينيين بتارودانت لدورهم الريادي في مجال التأطير والتوجيه والمواكبة، وممثلي المصالح الأمنية والخارجية وكل الداعمين لأنشطة هذه المؤسسة بصفة مباشرة، وغير مباشرة خدمة لهذا الوطن.
وأكد السيد العامل بأن اختيار موضوع هذه الدورة كان سليما جدا وذو رمزية كبيرة، إذا اخذنا بعين الاعتبار ما تعيشه بعض مناطق عالمنا المعاصر من تشتت وتمزق وتيه وغلو وعنف وتطرف، ولها بالغ الأثر في التكوين النفسي للأفراد والجماعات.
وصلة بالموضوع نفسه دعى الجميع لتأمل قول الله سبحانه وتعالى إكراما لبني آدم والتي تلخص حقيقة رسالة الاسلام، الذي ما جاء إلا ليتم نعم الله على عباده ويكرمهم، {ولقد كرمنا بني آدم، وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا}، وهذه المكرمة التي حبى الله بها بني آدم، والتي نستنبط منها ما مفاده مركزية الانسان ومحوريته وافضليته في هذا الكون وذلك لتحقيق مراد الله، في تحقيق مبدأ الاستخلاف الذي مؤداه عمارة الأرض وبناؤها، وهي الآية التي تجسد مرجعية وروح وعمق رسالة الاسلام التي حملت على عاتقها الارتقاء بالانسان كقيمة عليا والأصل أنه لا يمكن أن يستقيم ايماننا دون التشبت بهذه الأصول والقيم والدلالات والرمزيات.
ولذلك فحديثنا عن الوسطية والاعتدال ليس مجرد خطابات أو شعارات، بل هي مسؤوليتنا جميعا ومعنيون بها، بل أكثر من ذلك مدعوون الى ارساء دعائمها وتجسيدها واقعا، وهنا الدعوة موصولة الى الأسرة باعتبار ابعادها التربوية والأخلاقية والاجتماعية،للانكباب على ترسيخ هذه القيم والاعلاء من شأنها، فرسالة الاسلام الكونية لا تقف عند حدود تقاليد موروثة ولا روح فيها، بل هي قيم أصيلة محورها المحبة والرحمة والسلم والسلام وتجسيد التعايش كمنهج وتشريع، وهنا نقف على الدور الريادي لمؤسسة امارة المؤمنين، التي علينا ان نذكر بها باستمرار بحكم ان خلاص الأمة في التشبت بها لما لها من رمزية كبيرة ودلالات وأبعاد جليلة.
فالمغرب الذي يجسد خصوصيته تحت القيادة المستنيرة والرائدة لأمير المؤمنين نصره الله وأعز أمره، يجسد أكثر من أي وقت مضى التزام أمة واضحة الرؤيا وملتزمة ومعبأة للحفاظ على تدين المغاربة وأمنهم الروحي لإرساء ثقافة السلام، وتحقيق مطالب التعايش والتسامح الأصيل، ولعل هذه التجربة الفريدة أضحت محل اعتراف دولي واسع، خصوصا في عالم يعيش يوما بعد يوم أزمة هوية حادة، والمغاربة معروفون باعتدالهم، وحبهم للآخرين وايثارهم وحلمهم، وحبهم لدينهم ولرسولهم صلى الله عليه وسلم، وصحبه رضوان الله عليهم جميعا، ويتميزون كذلك بتقديرهم للعلماء والصلحاء وأهل القرآن ولهم في ذلك مآثر عديدة، ولعل كل هذه المأثورات والمكارم، هي الفيض من تشبتهم بمؤسسة امارة المؤمنين واجماعهم على وحدة المذهب المالكي، مشيرا إلى ان آثار مؤسسة امارة المؤمنين لا يختلف عليها اثنين، وها نحن نعيش في أمن وأمان، وتجنبنا بفضل بركات هذه المؤسسة العديد من الأهوال والفتن.
وماتزال هذه المؤسسة المباركة تواصل جهودها الحثيثة في هيكلة وتحصين الشأن الديني وتدبيره والعناية بالعلماء تكوينا وتأطيرا ومواكبة، وقد استفادت من هذه التجربة الفريدة العديد من الدول الصديقة والشقيقة ولاسيما الافريقية منها، والتي تربطها علاقات تاريخية بالمملكة، ولعل رهان العلماء، في هذا العالم المعاصر ينبغي أن لا يقف عند حدود الوعظ والارشاد، بالطرق التقليدية، بقدر ما ينبغي أن يتضاعف، وذلك بالنظر الى استجداء الكثير من التطورات غير المألوفة كالثورة التكنولوجية العارمة والصورة، وهي ثورة بالقدر الذي تحمله من ايجابيات أضحى بسببها العالم كله قرية صغيرة وتقلصت المسافات ومكنت البشرية من كم هائل من المعلومات والمعطيات، غير أنها في الآن ذاته سلاح حاد موجه الى شبابنا ان لم نحسن التعامل معها، وتوجيهها الوجهة السليمة، التي تخدم شبابنا وتحفزهم على العطاء، والتمسك بدينهم وتوابثهم الوطنية الغالية.
وهنا يبقى للعلماء دور منهجي في تأطير هذه الفئة من المجتمع والتي تمثل مستقبل الامة وأمنها وأمانها، وشبابنا هو شباب ذكي وطموح لا تنطوي عليه الأكاذيب والحيل وهو شباب مثقف ومتشبت بوطنه، وتوابثه غير أنه من جانب آخر فنحن معنيون بالأخذ بأيديهم والنأي بهم بعيدا عن تيارات الهدم، والعدم، ولابد من الاستبسال في توعيتهم وتأطيرهم، ومدهم بالعدة اللازمة لمواجهة المد التخريبي الذي يهدف الى ضرب المجتمع برمته، متمنيا التوفيق والسداد لكل القائمين على هذه الدورة تحت القيادة الرشيدة لمولانا أمير المؤمنين محمد السادس نصره الله وأيده.
وفي نهاية كلمته ذكر السيد العامل بالمكانة الخاصة لعلمائنا الأجلاء من خلال الرمزية السامية التي يظطلعها المجلس العلمي المحلي الموقر والى جانبه الأساتذة الباحثين في تناول موضوع الدورة لما له من أثر كبير في تعزيز قيم وتوابث الأمة وتبليغ الرسالة المنوطة به للتوعية الدينية والانفتاح على كل شرائح المجتمع تأطيرا وتوجيها. ثم تضرع إلى العلي القدير لأن يكون انجاح حليفهم ويجعل منهم خير سند للأمة ونبراسا يقتدى به وبابا لكل خير في ظل أهداب العرش العلوي المجيد وقيادة أمير المؤمنين حامي حمى الملة والدين نصره الله وأيده.
ويشمل برنامج الدورة، تنظيم مجموعة من المحاضرات العلمية والدينية، بالإضافة إلى العديد من الأمسيات الدينية والقرآنية لمجموعة من المدارس العتيقة المشاركة في هذه التظاهرة الدينية.
ويتوزع برنامج الموسم الديني والروحي لهذه السنة، حسب المنظمين، على عدة أنشطة منها تنظيم محاضرات وموائد مستديرة حول مواضيع:”الإسلام دين الوسطية والاعتدال”، “تأصيل الوسطية في الإسلام”، “الوسطية في القرآن الكريم”، “الوسطية في السنة النبوية”، “الوسطية في سيرة الصحابة الكرام”، “الوسطية في سيرة علماء المغرب”، “تطبيقات الوسطية والإعتدال في الإسلام”، “وسطية الإسلام في نظام الحكم”، و “وسطية الإسلام في نظام المال”.
كما سيعرف البرنامج، تنظيم مجموعة من الزيارات التفقدية لعدد من المدارس العتيقة بجهة سوس ماسة.
تعليقات( 0 )