في محاولة لتعديل “ميزان القوى” في المنطقة المغاربية، اختارت الجزائر تعزيز تحالفها الاستراتيجي مع إيران، في مواجهة العلاقات المغربية الإسرائيلية التي وضعها قصر المرادية، سنة 2021، ضمن قائمة من المبررات التي استند إليها من أجل الإعلان عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع الرباط، وهو الأمر الذي برز بشكل واضح بعد لقاء الرئيسين عبد المجيد تبون وإبراهيم رئيسي.
وبعد أكثر من 3 سنوات من الاتهامات المتواصلة من الجزائر للمغرب، بجلب إسرائيل إلى المنطقة المغاربية، الأمر الذي ترى فيه خطرا على أمنها القومي ومصالحها الاقليمية، استدعت الجزائر، من جهتها، “العدو الوجودي” للدولة العبرية، لكنه أيضا يتصدر قائمة خصوم للعديد من الدول العربية خصوصا دول منطقة الخليج.
مقالات ذات الصلة
وبدا واضحا أن قضية الصحراء كان المحرك الأساس لهذا “التقارب”، المُتزامن مع استمرار القطيعة في العلاقات الدبلوماسية بين الرباط وطهران منذ 2018، فتبون أعلن أنه ونظيره الإيراني، يتطابقان في وجهات النظر بخصوص هذا الملف، وهو الأمر الذي يعني دعم الطرح الانفصالي وتبني جبهة “البوليساريو” التي تُمثله.
هذه الخطوة تُعيد إلى الأذهان دوافع قطع المغرب لعلاقاته مع إيران، والتي عبر عنها في حينه، بشكل صريح، وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، الذي تحدث عن تولي طهران، عبر سفارتها في الجزائر، تسليح ميليشيات “البوليساريو”، وتنسيق عمليات تدريبهم التي يتولها عناصر “حزب الله” اللبناني الموالي لها، داخل مخيمات تندوف.
وسبق لرام بنباراك، نائب رئيس جهاز الاستخبارات والمهام الخاصة الإسرائيلي “الموساد” سابقا والعضو في الكنيست حاليا، أن وصول النفوذ الإيراني إلى الجزائر، وتدريب عناصر “حزب الله” لمسلحي جبهة “البوليساريو”، من بين أسباب عودة العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل في دجنبر من سنة 2020، بعد 20 عاما على قطعها.
وفي أكتوبر من سنة 2022 اتهم بوريطة إيران بتسليح الجماعات المتطرفة والكيانات الانفصالية داخل المنطقة العربية، بما يشمل تسليمها الطائرات المسيرة عن بعد “الدرونز”، معتبرا أن جبهة “البوليساريو” وميليشياتها هي إحدى المجموعات التي تستغلها إيران لتقويض الأمن والسلم بالمنطقة، جاء ذلك خلال لقاء بنظيره اليمني أحمد عوض بن مبارك.
وفي إشارة إلى تورط الجزائر في تسهيل امتدادات النفوذ الإيراني إلى داخل المنطقة المغاربية، قال بوريطة إن التسليح الإيراني يستهدف أيضا المغرب، وطهران هي “الراعي الرسمي للانفصال والإرهاب في منطقتنا العربية، وللأسف يتم ذلك ببعض التواطؤات”، معتبرا أن حصول من أسماه بـ”الفاعلين غير الحكوميين” على أسلحة وتقنيات متطورة، “ظاهرة تشكل خطرا على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين”.
هذا التحالف الجزائري الإيراني، وخطورته على استقرار منطقة شمال إفريقيا، كان قد نقلها المغرب إلى الأمم المتحدة في أكتوبر من سنة 2022، حين تحدث السفير الممثل الدائم للمملكة، حصول جبهة “البوليساريو” على درونات إيرانية تصل تكلفة الواحدة منها إلى 22 ألف دولار، تُدفع من الأموال التي يُفترض أنها تقدم لصحراويي مخيمات تندوف كمساعدات إنسانية.
وهذه المرة، يبدو أن الجزائر فتحت باب حدودها على مصراعيه لصالح إيران، البلد الذي وقعت معه اتفاقيات تشمل العديد من القطاعات، بما في ذلك اقتصاد المعرفة والتكنولوجيا والإعلام والنفط والغاز، وذلك خلال لقاء رئيسي بتبون في زيارة هي الأولى لرئيس إيراني إلى الجزائر منذ 14 عاما، على الرغم من تحذيرات عربية سابقة صادرة عن جامعة الدول العربية تصنف البلد الفارسي في صدارة مُستهدفي سيادة الدول العربية.
تعليقات( 0 )