اليوم تعلن البيضاء عرس مهرجانها الدولي الذي ينتمي للفنون الرقمية:
الدار البيضاء عاصمة الفنون الرقمية ومدشنة للانخراط في الذكاء الاصطناعي
مقالات ذات الصلة
بمناسبة الدورة 29 المهرجان الدولي لفن الفيديو للدار البيضاء، وتصنيف البيضاء من المدن الذكية من طرف اليونسكو
بقلم: أحمد طنيش
بدون أي تخطيط أو تنسيق مسبق، عاشت الدار البيضاء ليلة الثلاثاء 31 أكتوبر 2023، مع حدثين عالميين لهما علاقة بالفنون، الأول الاحتفاء بمرور ثلاث عقود على تأسيس المهرجان الدولي لفن الفيديو للدار البيضاء الذي تنظمه كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك؛ إذ كانت اللجنة المنظمة للمهرجان في لقاء صحفي للإعلان عن الاحتفاء بفعاليات الدورة 29 للمهرجان، التي ستنطلق من 7 إلى 11 نونبر 2023، عبر فضاءات ثقافية موزعة على جغرافية الدار البيضاء، يحضر فيها الحدث المرتبط بالفنون الرقمية الذي اتخذ له موضوعا دالا: “من شريط الفيديو إلى الذكاء الاصطناعي”؛ أقيمت الندوة الصحفية بفضاء المدرسة العليا للفنون الجميلة بالدار البيضاء، كفضاء رمزي لاحتفاء المدينة بالفنون والفنانين وبالإبداع، عبر تاريخ فني طويل لهاته المؤسسة الفنية التي تأسست سنة 1919، وهي احتفائية بمائوية الفنون بالبيضاء، مكانا وإبداعا وروادا وصولا إلى الجيل الحديث من الشباب الذي يأخذ تكوينه في هذه المدرسة في مجالات الفنون التشكيلية وفن التصميم الداخلي وتصميم الإشهار، ويسجل للتاريخ أن لهذه المدرسة شراكة ثقافية وفنية وعلمية عريقة مع كلية الآدب بنمسيك إذ انفتحت الفضاءات على بعضها خدمة للفنون والبحث الأكاديمي.
الحدث الثاني الذي تزامن مع ليلة الندوة الصحفية، إعلان منظمة اليونيسكو، تصنيف مدينتي الدارالبيضاء وورزازات ضمن شبكة المدن المبدعة، حسب ما أعلنت عنه صباح اليوم الثلاثاء في بيان لها، وقد أعلن باسم المجلس الجماعي للبيضاء أن هذا التتويج والتصنيف أتى بفضل مشروع شارك فيه المجلس الجماعي للدار البيضاء رفقة القطاع الوزاري المعني بالثقافة إضافة إلى مؤسسات مهتمة بالفنون والتراث، العمل الذي أسفر عنه تصنيف مدينة الدار البيضاء في مجال الفنون الرقمية من طرف اليونيسكو، وأكد نائب عمدة البيضاء أن هذا الإنجاز من شأنه أن يعطي قيمة كبيرة للبيضاء ويعزز من مكانتها ويعلي من شأن هذه الفنون الرقمية الحديثة.
يشار إلى أن الدار البيضاء مدينة إبداعية بامتياز في مجال الفنون الرقمية بفضل المبادرات المتعددة، وبفضل المؤسسات التكوينية وبفضل الفعاليات المنفتحة على العالم، ومنها المبادرة التاريخية لكلية الآداب بنمسيك، التي كان لها فضل السبق والقيادة والتفعيل وانفتاح المدينة على تجارب العالم وخبرات رواد هذا الفن، الذين حضروا بين ظهران هذه المدينة ورسخوا فكرة بل نهضة هذا الفن، وبفضل الجهود الجماعية للمبدعين والأكاديميين والشباب من البيضاء والمغرب والمعمور، يصل المهرجان الدولي لفن الفيديو للدار البيضاء إلى دورته 29، ويدشن لعقده الثالث، وهو مكتسب لهذه المدينة الذكية عبر تاريخها المسجل في عدة وثائق ومراجع وبحوث أنثروبولوجي، إلى مرحلة الفنون الرقمية والذكاء الاصطناعي، الذي يؤسس لمرحلة أخرى من الممكن أن تحق القطيعة الأبستمولوجيا، على غرار القطيعة الابستمولوجية التي لامسها وحاورها “باشلار” وفق تصوره لتاريخ العلم، كون العلوم والفنون لا تسمح باستنباط النظريات الجديدة من التاريخ السابق لها في مجالها، من خلال هذا البعد صرح الفنان “بيل فيولا” 1974: “ربما يكون الفيديو هو الشكل الفني الوحيد الذي له تاريخ حتى قبل أن يكون له تاريخ”، وسيكون للمهرجان مناسبة أخرى للاحتفاء بالذكرى الستين لظهور فن الفيديو منذ سنة 1963 في ألمانيا، وذلك خلال معرض فلوكسوس Fluxus الذي عرف مشاركة الفنان الكوري نام جون بايك والفنان الألماني فولف فوستيل. وكما هو الحال مع جميع الابتكارات الفنية، فإن الحصول على الاعتراف ليس نتيجة مضمونة مسبقا، فمنذ البدايات الأولى لفن الفيديو، كان على هذا الفن المُسْتَحْدَث أن يعد نفسه وفعالياته لاكتساب شرعيته.
لتزامن الحدثين الكبيرين الدورة 29 للمهرجان الدولي لفن الفيديو للدار البيضا والاحتفاء بالذكرى الثلاثين لتأسيس المهرجان (1993 – 2023)، وإعلان اليونسكو يوم 31 أكتوبر 2023، تصنيف مدينتي الدارالبيضاء وورزازات ضمن شبكة المدن المبدعة، نعتبر محطة المهرجان احتفاء بحدثين متوازيين ينتصران للفنون ويحتفيان بمدينة الدار البيضاء، كعاصمة للفنون عموما والفنون الرقمية على وجه الخصوص، وهي مناسبة لاستعادة تاريخ الفنون بالدار البيضاء وتاريخ هذه التظاهرة والوقوف على مراحل تطورها كأفق انتظار للبرمجة النوعية والمقترحات الفنية للدورة 29 للمهرجان الدولي لفن الفيديو للدار البيضاء، وذلك لتقييم المكانة التي تحتلها الفنون الرقمية اليوم في المشهد الفني بشكل عام، ومقاربة القضايا والتساؤلات التي تطرحها في مجال الفن المعاصر بشكل خاص، سيما وتؤشر المعطيات الرقمية والحركية المتطورة لها عبر العالم أن هذا الفن قد وصل إلى مرحلة الذكاء الاصطناعي الذي غزى كل المجالات، وأننا فعلا قد دشنا المرحلة الشرعية لهذا الفن من خلال منجزه وأثره وتغييره للمفاهيم والخواريزميات.
تعليقات( 0 )